عزيزي شعب مصر الحر،
يا له من يوم جميل أتحدث إليكم فيه في مصر حرة بدون مبارك والحزب الوطني، لقد كانت فترة صعبة، والعديد من الناس أصابهم الرعب أو أصيبوا أو قتلوا، ولكننا في النهاية نجحنا، مبروك لنا جميعا.
في الحقيقة نحن الثوار لا نعتقد أن المعركة انتهت، آل مبارك مازالوا أحرار، وهو الحال نفسه بالنسبة لفتحي سرور، وزكريا عزمي، وصفوت الشريف، وأعضاء الحزب الوطني الفاسدين في جميع فروع الحكومة، بالإضافة إلى أمن الدولة والشرطة الذين قضوا العقود الثلاثة الأخيرة في إرهاب، ومراقبة، وتعذيب، وقتل من كان عليهم حمايتهم.
المسجونون السياسيون بالإضافة إلى الذين تم القبض عليهم في مظاهرات 25 يناير مازالوا في السجن وهو أمر غير قانوني، الأموال المسروقة مازالت في دول أجنبية، والحد الأدنى للرواتب وهو 200 دولارا للمصريين لم يتحقق بعد.
مازال هناك أيضا مساءلة شفافية الحكومة (ماديا وعمليا) وأن تحكم البلد بواسطة مدنيين بدلا من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، دستور جديد يجب أن يحل محل الدستور الحالي الذي يعطي قمة الدولة سلطات مطلقة، الدستور الجديد يجب أن يعطي المصريين حرية سياسية، ومساواة في الحقوق، ومساواة بين جميع السيدات، حقوق سياسية متساوية لجميع المصريين الذين ولدوا أو يعيشون في الخارج وتزوجوا من أجانب، وحرية للإعلام وأشياء كثيرة أخرى، لا أريد أن تشعروا بالملل، ولكن نعم مازال هناك الكثير من العمل ليتم إنجازه، والأمور تأخذ وقتا طويلا من الذين يحملون المسؤولية ليتم إنجاز هذا العمل، وهو ما يجعلنا غير سعداء، والمتظاهرين غير السعداء مازالوا يتظاهرون، وهذه هي حقيقة.
ولكننا نسمع أن بعضكم غير سعيد بهذه التظاهرات، ونسمع أيضا أنكم تعتقدون أننا مجموعة من الأطفال دون هدف أو عمل، ونسعى لخراب البلد والإقتصاد بمثل هذه التظاهرات، ونسمع أنكم تريدون الأمن والاستقرار فقط، وأننا لا نستمع لكم ولا ما يقلقكم، وأننا لا نختلف كثيرا عن الديكتاتور السابق الذي سقط.
ولكن أرجوكم إعلموا أن الحال ليس كذلك، لأنكم أهلنا، وأن ما يقلقكم هو ما يقلقنا، ولكن يجب أن نعترف أننا فوجئنا بهذه الاتهامات، وبعضنا لا يستطيع تقبلها، فيما لا يجد البعض الآخر الوقت للرد عليها.
دعونا نواجه الأمر، محاولة معرفة ما إذا تم قتل صديقك أم لا، ومحاولة إطلاق سراحهم من المحاكمات العسكرية في مصر الديمقراطية الجديدة، ووجود استفتاء على الدستور، وقتل الأقباط وحرق الكنائس، وقضية الفتنة الطائفية، تأخذ وقتنا بأكمله، قد تكون خطيئتنا أننا نركز على هذه المعارك الصغيرة (في نظرك)، وأننا لا نرشح وجهة نظرنا، وكيف أننا على نفس الجانب، لذلك تقبلوا أعتذارنا ونأمل أن تغفروا لنا.
والآن ما يقلقكم:
تشعرون بالقلق من تراجع الإقتصاد والخسائر التي تسببت بها الثورة، وأنكم فقط تريدون الجميع أن يعودوا إلى العمل، دون أن تسألوا أنفسكم عن مدى قوة الإقتصاد الذي سقط في أقل من شهرين من المظاهرات، في حين تشهد فرنسا مظاهرات في جميع أنحاء البلاد في كل الأوقات دون أن يسقط الإقتصاد بسبب ذلك.
وأنتم تنسون أيضا أن السبب الرئيسي وراء تراجع الإقتصاد هو الفساد المتكامل في جميع المؤسسات الحكومية، وحظر التجول يدمر عملياتنا اللوجستية والسياحة، وأن غياب الأمن (سنتحدث عن ذلك لاحقا)، وحيرة المستثمرين الأجانب – الذين يريدون المجيء إلى مصر واستثمار أموالهم - بخصوص مع من يتحدثون لبدء الاستثمار، في ظل أن الحكومة المدنية لا تملك السلطة، وصعوبة الوصول إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
أنتم قلقون من هجمات البلطجية وسرقتكم، وتريدون عودة الشرطة والأمن، ولكنكم تنسون أن الشرطة (الذين لا تختلف أفعالهم عن البلطحية ولكن بملابس براقة) كانت تسرقكم كل يوم,
وبالنسبة للبلطجية الذين يرهبوكم، من الذي أطلقهم من سجنهم في البداية ثم رفضوا القبض عليهم، لقد تذكرت أنها الشرطة.
يا له من مطلب سخيف أننا نريد أن محاسبتهم على أفعالهم، ويجب علينا أن نرجوهم يوميا أن يعودوا إلى عملهم بعد أن خانوا القسم بحمايتنا ووضعنا في خطر محدق.
أنتم قلقون على أطفالكم الذين يقتلهم البلطجية (الذين تم إطلاقهم من قبل الشرطة)، ولا تقلقون من أنهم كانوا يموتون يوميا من المياه الملوثة، واللحوم والفواكه والخضروات المسممة، والطرق ووسائل المواصلات غير الآمنة، والمستشفيات والرعاية الصحية الكارثية التي تتسبب في وفاة العديد من المصريين الذين يفضلون الذهاب للمستشفيات الخاصة إذا كان لديهم القدرة المادية (وهي ليست أفضل حالا بكثير)، حتى حفيد الرئيس السابق توفى في إحداها، ولكن نعم البلطجية هم السبب.
أنتم قلقون من تولي الإخوان المسلمين السلطة وتحويلها إلى أفغانستان أخرى، ولكن دون إتخاذ خطوات لمنع حدوث ذلك مع الحفاظ على حقوقهم، وطريقة مثلى لتحقيق ذلك هو إصلاح النظام التعليمي المصري، وإنهاء التعصب والتمييز ضد الأقليات في جميع المناصب (الخاصة والعامة)، وإيقاف التحريض على الكراهية من أئمة المساجد وكهنة الكنائس.
وإذا كان كل ما سبق أكثر من اللازم عليك، تستطيع أن تساند الحرية الدينية والمساواة في الحقوق في مصر، خاصة للمسيحيين المصريين، الذين لم تسمع عن الهجوم عليهم وعلى كنائسهم ولكن لا يبدو عليك أنك مهتم بذلك، ويمكن أن اقترح عليك زيارة سريعة إلى متظاهري ماسبيرو والتحدث إلى هؤلاء البشر، وفهم قضاياهم، وعلينا أن نعلم أن ذلك سيأخذ بعض الوقت من جدولك المزدحم حول شكواك المستمرة عن كيفية إفسادنا للأمور.
لقد فهمنا الأمر، وفهمنا كيف أننا غير مسؤولين، ونتسبب في خراب وطننا، وأننا لا نهتم بك، نحن أشرار، سرطان أصاب هذه الأمة الجيدة والصحية، "25 خساير"، أنت محق في كرهك لنا، أنت محق في التظاهر ضد المتظاهرين وأن 500 فردا منكم يخرجون يوم الجمعة والادعاء بأنكم تتحدثون بإسم الأقلية الصامتة.
هؤلاء الملايين الذين نزلوا لدعم مطالبنا كانوا من جميع الطبقات الاجتماعية والدينية من الجنسين، الأغلبية من المتواجدين في التحرير الآن هم الأكثر فقرا من بين جميع المتظاهرين، الذين يطالبون بالذهاب إلى المنزل والحياة بمرتب شهري 20 دولارا، حتى يتم حل هذه المشكلة خلال الستة أشهر أو العام القادمين، في حين أن كل أصدقائكم في مهرجان الكوربة ليس لديهم الوقت للذهاب إلى التحرير.
أنت تريد المتواجدين في التحرير الذهاب إلى المنزل وتركك في حالك، بعد كل ذلك المتواجدين في التحرير هم فقراء ورائحتهم كريهة، لا يمكن أن يكون الأمر كذلك، المصريون ليسوا فقراء أو لديهم رائحة كريهة.
والآن، بما أننا مجموعة تمثل خطرا ونرفض أن نستمع إلى صوت العقل، فلدي اقتراح بالتأكيد سيجعلكم سعداء، ما رأيكم في أن نأخذ كل من شاركوا في الثورة وساندوها ونعطيهم جزء من الأرض المصرية لإقامة دولتهم الفاشلة، ربما في مكان ما في سيناء، لنقل شرم الشيخ، نعم أعطونا شرم الشيخ وأتركونا هناك، لكي تواصلوا أنتم حياتكم في سلام واستقرار.
سوف نعطيكم عائلة مبارك (نحن لسنا مساندين لهم) وفي المقابل أعطونا جميع الأشخاص الذين لا تحبوهم، أنتم تعلمون هذه الأقليات المزعجة، مثل الأقباط والبهائيين والشيعة واليهود وأهل النوبة، نعم تخلصوا من كل من تكرهون، ونحن سنأخذهم وسنضمن عدم وجود أي منا معكم.
لنبدأ هذا الآن.
يمكنكم الحصول على أحمد شفيق كرئيس وزراء لكم، وسيكون عصام شرف رئيس وزرائنا.
يمكنكم الحصول على الحزب الوطني وجميع مسؤوليه، وسنحصل نحن على جميع الأحزاب الجديدة التي تنشأ الآن.
يمكنكم الحصول على عمرو موسى دوبلوماسي مثالي لكم، وسنحصل نحن على محمد البرادعي.
يمكنكم الحصول على زغلول النجار ككبير العلماء، وسنحصل نحن على أحمد زويل.
يمكنكم الحصول على علاء مبارك وأحمد عز ومحمد أبو العينين والمغربي كرجال أعمالكم، وسنحصل نحن على نجيب ساويرس وآل بشارة وجميع رجال الأعمال الذين يرغبون في العمل دون الحاجة إلى البيروقراطية ورشوة 18 جهة مختلفة.
يمكنكم الحصول على عادل إمام ويسرا وسماح أنور، وسنحصل نحن على خالد أبو النجا وبسمة ويسرا اللوزي.
يمنكم الحصول على تامر حسني ومحمد فؤاد، وسنأخذ نحن محمد منير ومريام علي ورامي عصام (وسنضمن عدم تعرضه للتعذيب وقت حبسه).
يمكنكم الحصول على فاروق حسني، وسنحصل نحن على المبدعين الذين انتجتهم الثورة.
يمكنكم الحصول على المجلس الأعلى للقوات المسلحة لتلبية رغباتكم في الأوقات التي يريدونها، وسنحصل نحن على مجلس الثورة.
يمكنكم الحصول على وطن تعاني فيه السيدات من التحرش الجنسي وتشويه الأعضاء الجنسية وجرائم الشرف، وسنحصل نحن على وطن يمكن فيه للسيدات الوصول إلى كل مراكز القوى وبدون ختان وتحرش، ولن يكون لأحد الجنسين إمكانية إهانة وضرب وقتل الجنس الآخر، يمكنكم أن تفعلوا بنسائكم ما تريدون.
يمكنكم الحفاظ على دستور تم تعديله على مدار سبع سنوات ويميز بين المصريين ويعطي الرئيس سلطات مطلقة، وسنحصل نحن على دستور جديد يضمن العدالة والمساواة بين جميع المواطنين (بغض النظر عن جنسية الأبوين وممن يتزوجون)، ويضع ضوابط وتوازنات ضد السلطة المطلقة.
يمكنكم الحفاظ على إقتصاد يعاني من الفساد والفقر وعدم الكفاءة والاحتكار، وسنحصل نحن على اقتصاد يشجع روح المبادرة والدعم وبلد منفتحة لجميع الاستثمارات ويضمن للعمال الحصول أجور تضمن معيشة جيدة.
يمكنكم الحفاظ على نظام المدارس العامة في حالة من الفوضى ونصف من السكان من الأميين، وتضطرون لدفع ثمن المدارس العامة والدروس الخصوصية لأبناءك، وسيكون لدينا المدارس العامة التي يتم تمويلها جيدا، والمعلمين المدربين تدريبا جيدا، ويحصلون على راتب جيد.
يمكنكم الحفاظ على نظام الرعاية الصحية الفاشل من حيث اللامبالاة وعدم الاهتمام بالمرضى، في نحصل نحن على مستشفيات عامة يتم تمويلها بشكل صحيح حيث سيتم الاهتمام بالمريض ومساءلة أي من يتسبب في تعريض حياة أي مريض للخطر أو الموت.
يمكنكم الحصول على وطن يعتقد فيه الناس أن التحضر هو الذهاب يوم واحد إلى التحرير وتنظيف الميدان، فيما سنضمن نحن أن تقوم الحكومة بتنظيف الشوارع من أجلنا.
يمكنكم الحصول على جهاز أمن داخلي يتجسس عليكم أو اعتقالكم لأجل غير مسمى ويتعاون مع الإرهابيين لتفجير الكنائس (إذا تبقى لديكم أي من الأقباط) ويعذبكم ويقتلكم، وشرطة تبتزكم، فيما سنحصل نحن على جهاز أمن داخلي لن يفعل ذلك لنا، وستقوم الشرطة بحمايتنا والحفاظ على القانون والحد من الجرائم ووضع المجرمين في السجن بدلا من إطلاقهم.
يمكنكم الحصول على جيش يملي عليكم أوامره، فيما سنحصل نحن على جيش يلبي أوامرنا.
وكما ترون فنحن نطالب بأشياء غير معقولة وأننا نحاول تدمير أنفسنا، وإذا كنا حقا مشكلة لكم فنحن نطلب منكم مساعدتنا على ترككم.
ولكن إذا كنت مجنونا مثلنا، أرجوك انضم لنا وساعدنا، لا نريد بلدنا الخاصة، نريد مصر بلدنا أن تكون أفضل بلد، بلد قوية وجميعنا لدينا حقوق، هذا ما طالبنا ونادينا به، ولا نعلم متى توقفت هذه الرسالة في الوصول إليك.
نحن لسنا قديسين، نحن نخطىء، ولسنا فوق الانتقاد، لك الحق في عدم مساعدتنا في بناء البلد، ولديك الحق في انتقاد من يحاول أن يفعل ذلك، ولكن ليس لديك الحق في انتقاد ما لا يرضيك وعدم المساعدة، إذا كنت لا تحب شيئا قم بتغييره، هذا هو الدرس من ثورة 25 يناير.
لذا، إذا كنت تتوافق مع رؤيتنا، انضم إلينا وإذا كنت لا تستطيع فدافع عنا، لقد حققنا الكثير، وستكون خطيئة إذا لم نستمر.
ساعدنا، نحن بحاجة إليك.
تحياتي،
محمود سالم
(أحد متظاهري 25 يناير)
No comments:
Post a Comment